المتسلقون على أكتافنا و” مهنة القبض على الجمر”
بقلم _ د. وسيلة محمود الحلبي
نحن في عصر نلتفت فيه يمنة ويسرة حتى لا يقلدنا المتسلقون الذين يسرقون أفكارنا، بل وبعض أعمالنا وحتى إحساسنا بالنشوة والفرح ،لإنجاز مهامنا كبر ذلك أو صغر، فهم يطاردونا كخيالنا .
ما نكتب من خاطرة إلا ويستولون عليها ولا نصيغ خبرا إلا ونراه منشورا ومذيلا بأسمائهم في عدة صحف ، إنهم يستبيحون عرقنا ويستحوذون على جهودنا وحتى على صياغة أفكارنا وما أكثرهم ؟ في زمن الصحافة الإلكترونية .
فالشخص الذي لا مبدأ له، لا يصلح أن يكون صحفياً، والشخص الذي لا أخلاق له يفسد المهنة، وعلى الصحفي أن يتدرب على الأعمال التي يقوم بها، ويكون واسع الاطلاع، مدركا لكل ما يدور حوله.
وعلى المبتدئ أن يضع نصب عينيه أن الصحافة مهنة شاقة، مهنة لا تعرف الراحة ولا تعترف بها… ولا تكفي الشهادة الأكاديمية ، لأن يكون صحفياً ناجحاً ، لأن الصحافة هي استعداد نفسي وروحي ومهني وشغف وعشق قبل كل شيء.
وهنا سآتي على أخلاقيات مهنة الإعلام: فالصحافة ميدان واسع يمارس به الصحفيون أعمالهم كل بحسب كفاءته ، وما يتمتع به قلمه من مواصفات، وانطلاقا من هذه البيئة المهنية فإن الصحافة مهنة لا تقبل الضعفاء والبلداء وأن حدث وإن قبلتهم خطأ ، أسرعت إلى نبذهم حتى لا يكونوا عالة عليها.
إنها المهنة التي لا تعترف بالوساطة أبدا .
لقد أجمع الكثير من الكتاب والصحفيين في العالم على أن مهنة الصحافة تعد من المهن الصعبة الشاقة، ووصفها بعضهم إنها: الشقاء اللذيذ ، ومهنة المتاعب ، والسلطة الرابعة، وأنا أسميها ” مهنة القبض على الجمر”.
ومن المعروف أنه لكل مهنة في المجتمع أخلاقيات وسلوكيات تعبر في مضمونها عن العلاقات بين ممارسيها من ناحية، والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة ، وهذه الأخلاقيات والسلوكيات قد تكون متعارفاً عليها، وقد تكون مبادئ ومعايير يضعها التنظيم المهني للمهنة. ويتوجب على العاملين في وسائل الإعلام المختلفة ومنها الصحافة أن يلتزموا في سلوكهم تجاه أنفسهم، وتجاه الأخرين ،وتجاه جماهيرهم بمبادئ وقيم أساسية. والالتزام بهذه المبادئ والقيم الأساسية هو نوع من الواجبات الشخصية، أي أنه التزام شخصي يقع على كل واحد منهم بصفة شخصية ليكون سلوكاً سليماً وأخلاقياً
فلمهنة الصحافة خصوصية كبيرة تختلف عن باقي المهن الأخرى كونها تخاطب العقول بمختلف مستوياتها، فهي الكلمة الموثقة التي تطالع القراء كل يوم بمختلف أنواع المقالات والأعمدة والتحقيقات والأخبار، فضلاً عن غيرها من الفنون الصحفية المختلفة.
كما أن لها دورا كبيرا ومؤثرا في الفرد والمجتمع ، يتمثل من خلال رسالتها التي تحملها وتكافح من أجل تحقيقها، ويتضح هذا الدور المؤثر باضطلاعها، بوظائف متعددة ومتنوعة، فالصحافة مسؤولة عن تثقيف الشعب وعن الأخلاق العامة، والخاصة فهي المؤثر الحقيقي في السمو بالجانب الخلقي في الأفراد والمجتمعات.
فالإعلام بصفة عامة يسعى إلى تنمية الفكر ، ويزيد من المعرفة والاقتناع والتفاهم ويقدم المعلومات الجديدة ، ونشر الأفكار العصرية المتقدمة ، ومحو الأمية، فوسائل الإعلام تقوم مقام المؤسسات التربوية ، المكملة لدور المدرسة والمنزل ودور العبادة.
وهناك الكثير من المعايير الأخلاقية الواجب توفرها في أي خبر أو تغطية أو مقال وهي : الصدق والدقة والحيادية ،أو الموضوعية وقول الحق والصدق وعدم إخفاء الحقيقة وتوخي الأمانة فيما يكتبه الصحفي ، والحرص على عدم تشويه الحقائق أو السعي وراء منفعة شخصية ، واحترام آراء الآخرين وخصوصياتهم، وثقافات الشعوب الأخرى والمساواة والإنصاف في تبادل المعلومات ،وتحمل المسؤولية الاجتماعية ،لتعزيز قيمها الإيجابية.
فلنحرص جميعنا عليها ولا نفرط ببند من بنودها ، لأنها حلقة مرتبطة ببعضها البعض
ومن يتقن التسلق ويحبه ولا يريد أن يتراجع عنه
فليذهب إلى جبال هملايا ليتسلق هناك
ويبتعد عن طريقنا للأبد .
- سفيرة الإعلام العربي
- عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
*عضو اتحاد الكتاب والمثقفين العرب