إمام الدعاة – العلامة الشعراوي – في الميزان
أد/ محمد حامد محمد سعيد أستاذ مساعد بجامعة السلطان عبدالحليم معظم شاه الإسلامية العالمية يوني شمس (UniSHAMS) ماليزيا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد
من المتفق عليه أن كل إنسان له جانبه الإيجابي وجانبه السلبي وليس هناك أحد معصوم إلا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن الشخصيات العامة التي ثارت وتثار حولها الأقاويل كل فترة زمنية شخصية مولانا الإمام فضيلة الشيخ العلامة محمد متولى الشعراوي –رحمه الله رحمة واسعة- فالشيخ رحمه الله تعالى لا يشك عاقل أنه عالم مفضال برع في تخصصه أيما براعة، قلما تجد من أجد مثله في تخصصه وخواطره.
ولعل السؤال الذي يفرض نفسه على الساحة الواقعية هل ما يُفعل مع شخصية الإمام الجليل الشيخ الشعراوي ينال منه أو يؤثر على سمعته ومحبته في قلوب الناس؟ الإجابة طبعاً أكاد أجزم أن هذا شبه مستحيل، وذلك لإيماني العميق بالحديث المروي في صحيحي الإمام البخاري ومسلم –اللفظ له- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال: إني أحب فلاناً فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال ثم يُوضع له القبول في الأرض…..الحديث”، وشاهدنا قوله: “يُوضع له القبول في الأرض”، والمعنى كما ذكر الإمام النووي: “أي الحب في قلوب الناس ورضاهم عنه فتميل إليه القلوب وترضى عنه”، وصدق الله حينما قال: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}، إن هذا المعنى هو المتفق عليه في شخص شيخنا العلامة الشعراوي فله محبة في قلوب المسلمين وغير المسلمين لا تضاهها محبة، محبة صادقة دون مجاملة أو تملق، محبة صدق وإخلاص، محبة جعلت القلوب تميل إليه وتتقرب منه وتصغي إلى خواطره ليل نهار، وما بيوت الأمة الإسلامية عامة وبيوت المصريين خاصة ببعيدة عن خواطره وبراعته في إفهام العامة والخاصة بأسلوبه السهل اللين الذي يشتاق إليه العالم والمتعلم من خلال برامجه المذاعة على التليفزيون أو المسموعة من خلال إذاعة القرآن الكريم.
إن من كرم الله تعالى على شيخنا ورضاه عنه –وهذا حسبنا فيه- أن جعل صوته يُذكر في مصرنا الحبيبة كل يوم وليلة خمس مرات وذلك عقب الآذان مباشرة بأن نسمع جميعاً الدعاء المأثور بعد الآذان بصوت شيخنا الشعراوي رحمه الله ورضي عنه.
إن العّلامة الشعراوي أخلص لله تعالى في حياته العامة والخاصة فجعل الله تعالى لخواطره قبولاً عند كل طبقات المجتمع حيث استفاد منها الصغير والكبير الرجل والمرأة المسلم وغير المسلم المتخصص وغير المتخصص الرئيس والمرؤوس الحاكم والمحكوم الغني والفقير وما فيديوهات وتسجيلات الشيخ ببعيدة عن أسماعنا جميعاً، فليخطبني من استمع إلى حديثه ولم يفهم منه شيئاً.
يقول الدكتور موسي شاهين لاشين:”يغرس الله تعالى حب الإنسان في قلوب بني الإنسان الذين يعاشرونه أو يرونه أو يسمعون به فكل الذين يحبهم الله يحبهم الصالحون من بني آدم ويحبهم أكثر من يعرفهم ويثنون عليهم ويذكرونهم بخير وبالتالي فكل الذين يحبهم الناس المؤمنون ويشيع حبهم وثناؤهم وتقديرهم عندهم محبوبون عند الله فحب الناس الصالحين للمؤمن دليل على حب الله له”
وشيخنا العلامة –رحمه الله تعالى- صدق فيه ما راوه الإمام البخاري بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله:”من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، ….الحديث” فقد كان فقهياً مفسراً محدثاً نحوياً بلاغياً نابغاً بارعاً في كل فن منَّ الله تعالى عليه به، في كل صغيرة وكبيرة من مسائله وعلومه ينسب الفضل لله تعالى فما هو إلا مجتهد وفقه الله تعالى في اجتهاده فوافق الصواب والقبول.
وإني لأعجب أشد العجب ممن يدّعون التنوير والمدنية والحداثة ما بالكم بشيخنا أنتم لا تقبلونه اتركوه لمن يقبله ويستفيد ويتعلم من علومه، كيف تتدعون إنكم من أهل التنوير والحداثة وأنتم لا تقبلون الأخر، شيخنا حينما اعترض على الفن كان اعتراضه على الفن الهابط الذي لا ثمرة منه، فن لا هدف منه ما فائدته على مجتمعنا، فن يهدف إلى التعري والتفنن في إظهار ما بقي من جسد المرأة مستوراً، أيُعد هذا فناً؟ كلا وألف كلا.
اسمعوا عن الشيخ موقفه في المملكة العربية السعودية من رفضه التام لنقل مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام من مكانه الحالي، اسمعوا عن الشيخ مواقفه التي لا تُعد ولا تحصى على أرض دولة الجزائر الشقيقة وموقفه الخاص مع الرئيس الجزائري بومدين وصلاة الاستسقاء…..إلخ.
أقول للمهاجمين على شيخنا الشعراوي وأمثاله من علماء الأمة خذوا منهم الجانب الإيجابي واتركوا الجانب السلبي فكل منا يؤخذ منه ويرد عليه إلا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا دأب المثقف العاقل الذي يتمتع بحيادية في إصدار أحكامه على الأخرين –إن كان من حقه إصدار مثل هذه الأحكام
– وللحديث بقية-
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، والحمد لله رب العالمين.