عبير ضاهر ..تكتب..حكمة الخريف
قلّم عواطفنا وشذب مشاعرنا كما تشاءُ, وأرخى علينا أغصان الأماني البعيدة , وأسقط في حجورنا الخيبات المنسية ,واقطف زهور أحلامنا الوليدة , وأروى كل ليلة جذور الذكريات كما تشاءُ
تتفتّح فيك عيون البصيرة وتقام مع حضورك للنفس أمام العقل محاكمة عاجلة لتبدأ بين الروح والقلب سجالاً فيه الود واللوم والمؤاخذة
تتقلّب عندك وجوه الأشياء وتتقشّر المعاني وتتراكم الحيرة والقلق بكافة الأنحاء
ربما هواؤك يأتي ناقلاً حبوب لقاح مشتبهات العزلة والرغبة بالانفراد والانكفاء والتقوقع والتواري حد الاختفاء
فتتدلى قوافل الأسئلة والأجوبة على غير عادتها وبوجهها الجامد حاضرة ترزح بخطى مثقلة
أو يصح فيك الوصف بأنك حصاد رحلة العام تحين بك مرة ويا ليته مثلك يعلن ويمهد ويطرق الأبواب كلما غفلَنا أو قصر النظر ولكنه هكذا مشوار العمر يهرول متباطئا وتارة يقتحم ساحاتنا الواهنة مسرعا يلملمنا ليمضي دفعة واحدة
تمشي ستين يوماً بين الفصول هين الخطي يسير ولكنك على أكتاف العمر ثقيل والغفلة عن رسالتك مكلفة وأي تكلفة فمن منا يملك من العمر اثنين؟
قد لا تملاء العيون بحلولك وإلى انقضاء أيامك فأنت معنياً بالمعاني لا بالصور ولكنك تبذر اليقظة بالنفوس وتملاء الوجدان بالشفقة والأرواح بالرهبة والحيرة والتوق إلى الأمان وسبل وطرائق الفوز بسلام متواصل أو دائم
أما وإنك الخريف فنحن عيال الأيام أمنا الحياة
تمهل أيها العابر وأنت تحمل تلك القصائد والحكم والدروس لما تفضل المرور هكذا سريعاً؟!. أظنك تود لو تجلس فتغير من وضعية جلستك القرفصاء ! لتستريح وتطيل البقاء وتعدد ليالي السمر وتنثر في سماء وعينا ما بجعبتك
تتجهز أنت للذهاب بينما تتطاير منك الخواطر كل ليلة وتعانق سحب العمر المغادرة وترطدم على قارعة أوقاتك محاذير وعلامات وإشارات ورموز لتجارب ومواقف قادمة وفائتة
وقبل أن تمضي راضياً عن دورك مؤدياً رسالتك ابتسم في عيوننا وأطلق أمنية أن تتهيأ الدروب لزهوة تعانق فصول العمر
===