فتوى في بيع الأعضاء
بقلم: ا.د / عطية لاشين أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف
يقول في رسالته :
احتجت مبلغاً من المال ولم أجد أحداً يقرضنيه فقمت ببيع كليتي لمريض كلى فما حكم الشرع في ذلك؟
الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم :(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) الإسراء آية (٧٠).
والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم روت عنه كتب السنة “الإنسان بنيان الرب ملعون من هدم بنيانه”٠
وبعد :
فقبل الإجابة على السؤال نشير إلى عدة أمور :
الأمر الأول : لقد كرم الشرع الإنسان حيا وميتا وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا ٠
الثاني : نفس الإنسان ليست مملوكة له ، بل مملوكة لمن خلقها فسواها وقدرها فهداها٠
ثالثا : نهى الشرع الإنسان أن يلحق الضرر بنفسه ومن باب أولى نهاه أن يلحق الضرر بغيره ، ومن ثم حرم الانتحار ، وجعل جزاءه الخلود الأبدي في النار.
رابعاً : أوجد الله الإنسان في أحسن هيئة ، وأتم صورة قال عز وجل :(الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) الانفطار آية (٧) ، وقال عز من قائل :(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) سورة التين آية (٤).
بعد ذكر ما تقدم وأن الإنسان محل عناية من الخالق جل وعز نجيب على السؤال مكتفين بذكر الرأي الراجح.
فأقول :
ذهب جمهور أهل العلم بالأحكام الشرعية إلى حرمة بيع الإنسان لأعضائه ما كان منها متجددا وما لم يكن ، ما كان منها زوجا وما كان منها فذا للأدلة الآتية :
أولا : جسد الإنسان وأعضاء هذا الجسد لا ينبغي بحال من الأحوال أن يمتهن عن طريق البيع والشراء حيث إنه ليس سلعة من السلع وإنما جسد الإنسان بنيان تولى بنيانه الواحد المعبود٠
وخلاصة هذا الدليل أن فقهاء الأمة الإسلامية اتفقوا على بطلان البيع والشراء بالنسبة لبدن الإنسان أو أي جزء من أجزائه٠
ثانياً : الإنسان ليس إلا مجرد أمين على جسده حيث لا يملكه بل المالك له الله جل جلاله ، ومن ثم فإن تصرف الإنسان في أعضاء جسده إنما يكون تصرفا في شيء لا يملكه والتصرف في ملك الغير باطل٠
ثالثاً : يستدل على حرمة بيع الإنسان لأعضائه بمبدأ سد الذرائع إذ ان إجازة ذلك يفضي إلى عواقب وخيمة ، ومفاسد عظيمة ، وأضرار جسيمة ، ونتائج أليمة:
منها : تنزيل الإنسان المفضل منزلة السلع التجارية ، وهذا إهدار لقيمة الإنسان ، وانتهاك لحرمته.
ومنها : انتشار تجارة الأعضاء التي تكون خطورتها أفدح وأخطر من تجارة المخدرات٠
والله أعلم
وصلى الله على سيدنا محمد