من فتاوى الميراث المسألة الغراوية أو الغراء٠

بقلم : ا.د / عطية لاشين – أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف

يقول : نسمع أن في المواريث مسألة تسمى (الغراوية) فما هي مع ذكر مثال يوضحها ؟

الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم :(وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ) النساء آية (١١).

والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله غليه وسلم قاد سفينة العالم الحائرة إلى بر الأمان و شاطيء السلام.

وبعد :

فإن الغراء مؤنث الأغر وهو ما كان من الخيل في جبهته بياض ويطلق الأغر على الأبيض والحسن من كل شيء.

وسميت هاتان المسألتان بالغراويتين تشبيها لهما بالكوكب الأغر لشهرتهما ، وتسميان أيضاً ب (العمريتين) لقضاء سيدنا عمر بن الخطاب فيهما بالحكم الذي سنعرفه الآن.

وبخصوص واقعة السؤال نقول :

تتحقق المسألتان الغراويتان باجتماع احد الزوجين مع الأبوين (أي الأب والأم) بعد وفاة المورث وصورتهما كما يلي :

أولا : توفي عن : زوجة وأم وأب.

ثانياً : توفيت عن زوج وأم وأب فإن كل واحد من الزوجين يأخذ فرضه كما هو مقرر في كتاب الله عز وجل.

الزوجة : ترث الربع والزوج : يرث النصف ويرث الأب الباقي تعصيبا في المسألتين.

بينما اختلف أهل العلم في نصيب الأم في المسألتين على عدة مذاهب كما يلي :

أولاً : المذهب الأول : وهو لجمهور أهل العلم أن نصيب الأم في المسألتين كلتيهما ثلث الباقي بعد نصيب أحد الزوجين فلها مع الزوج ثلث النصف أي السدس وللأب باقي الباقي تعصيبا أي الثلث. وللأم مع الزوجة ثلث ثلاثة الأرباع أي (الربع) وللأب باقي الباقى أي النصف قضى بهذا سيدنا عمر بن الخطاب ووافقه جمهور الصحابة وتبعه في ذلك أئمة المذاهب الأربعة.

ثانياً : المذهب الثاني : ترث الأم الثلث كاملاً بعد فرض أحد الزوجين وليس ثلث الباقي قضى بذلك القاضي شريح وهو مذهب الظاهرية.

ثالثاً : المذهب الثالث : ترث الام ثلث الباقي فيما إذا كان معها الزوج والأب وترث الثلث كاملاً فيما إذ كان الذي معها مع الأب الزوجة.

ولكل أدلته مبسوطة في كتب التراث.

والفتوى على ما عليه رأي الجمهور أي ترث ثلث الباقي سواء كان الذي معها الزوج أو الزوجة وللأب باقي الباقي.

وإنما أخذت الأم ثلث الباقي وليس الثلث كاملا لكي لا تأخذ الأم ضعف الأب إذا كان معهما زوج أو قريبا منه إذا كان معهما زوجة.

وقد أخذ مشروع القانون العربي الموحد برأي الجمهور في المسألتين الغراويتين فنصت المادة ٢٥٨ منه على ما يلي : (( أصحاب ثلث الباقي الأم مع أحد الزوجين والأبوين إذا لم يكن ثمة فرع وارث للمتوفى ولا اثنان فأكثر من الإخوة والأخوات مطلقا)).

هذا والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد