” ليلي الهمامي ” تلقي الضوء علي ارتباط قرطاج بالامبراطورية الرومانية

كتب – علاء حمدي
سلطت الدكتورة ليلي الهمامي- أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن والمرشحة للانتخابات الرئاسية التونسية الضوء علي ارتباط قرطاج بالامبراطورية الرومانية حيث قالت :
وصلت المسيحية الى قرطاج (تونس) نحو اواسط القرن الثاني بعد الميلاد، وشهدت نموا سريعا هناك. وُلد ترتليانوس، اللاهوتي الكنسي الشهير وأحد الآباء المدافعين عن المسيحية، في قرطاجة نحو سنة ١٥٥ بم. وبسبب كتاباته صارت اللاتينية اللغة الرسمية في الكنيسة الغربية. وفي سنة ٢٥٨ استشهد هناك كبريانوس، اسقف قرطاج في القرن الثالث الذي وضع نظاما تَراتُبيا اكليريكيا من سبع درجات.
أما اوغسطين (٣٥٤-٤٣٠ بم) المدعو اعظم مفكري المسيحية القدامى، وهو شخص آخر من تونس التي كانت تسمى افريقية، فقد ساهم في دمج عقيدة الكنيسة في الفلسفة اليونانية. لقد كان نفوذ كنيسة افريقية قويا جدا حتى ان احد رجال الدين قال: «انتِ يا افريقية مَن يدفع قضية ايماننا قُدُما بغيرة شديدة. ما تقررينه توافق عليه روما ويتبعه اسياد الارض».
لكنَّ ايام قرطاج كانت معدودة. ومن جديد كان مصيرها مرتبطا بمصير روما. فعندما ضعفت الامبراطورية الرومانية، ضعفت قرطاج. وفي سنة ٤٣٩ بم احتل شعب الڤاندال الجرماني المدينة ونهبها. ثم اتى الغزو البيزنطي للمدينة بعد قرن، وهذا ما أخَّر دمارها بعض الوقت. لكنها لم تستطع ان تقاوم العرب الذين اكتسحوا افريقيا الشمالية. ففي سنة ٦٩٨ بم أُخذت المدينة، وبعد ذلك استُعملت حجارتها لبناء عاصمة تونس.
وفي القرون التالية نُهب وصُدِّر الرخام والڠرانيت اللذان كانا يزينان المدينة الرومانية، واستُعملا لبناء كاتدرائيتَي جَنَوا وپيزا في ايطاليا، واستُعملا ايضا في كاتدرائية كانتربري بإنكلترا. نعم، بعد ان كانت قرطاج احدى اغنى وأقوى المدن في العصور القديمة، وبعد ان كانت امبراطورية كادت تحكم العالم، تحولت في النهاية الى كومة ركام لا ينتبه اليها الناظر.
يُشتق الاسم «فينيقي» من الكلمة اليونانية فينكس التي تعني «ارجواني» وتعني ايضا «نخلة». ومنها اشتُقت الكلمة اللاتينية پويْنوس التي اتى منها النعت «پونيّ» او «بونيّ»، الذي يعني «قرطاجيّ».
ان العلاقات الوثيقة بين القرطاجيين والإتروسكيين، التي دامت قرونا عدة، دفعت أرسطو الى القول ان الامتين تبدوان كدولة واحدة. «أطلق القرطاجيون الاسم افريقية على المنطقة المحيطة بقرطاج اي تونس حاليا. وصارت لاحقا تشير الى كل الارجاء المعروفة من القارة. وقد ابقى الرومان على هذا الاسم عندما جعلوا المنطقة مقاطعة رومانية».