الاتحاد الدولي للمثقفين العرب يعقد حديث الأسبوع الثّقافي مع الشاعر عماد صلاح حسو

الاتحاد الدولي للمثقفين العرب يعقد حديث الأسبوع الثّقافي مع الشاعر عماد صلاح حسو

 

متابعة- علاء حمدي 

 

استضاف الاتحاد الدولي للمثقفين العرب برئاسة سمو الشيخة نوال الحمود الصباح والأمين العام دكتور بسام سويدان والإعلامية ندى وردا أوراهَم الشاعر عماد صلاح حسو في هذا البرنامج الثّري ” حديث الأسبوع الثّقافي ” خلال أيام شهر رمضان مبارك وفي هذه الأمسية تم الترحيب بكل من قرر قضاء هذا المساء الربيعي البهي مع البرنامج فأهلاً ومرحباً بكم سيدات و أسياد الخطابة و البلاغة و البيان المتواجدين معنا اليوم، لكم منا كل الود و الإحترام و التقدير.. و أرجو أن تعم الفائدة على كل المتواجدين.

 

post

كما تم توجيه الشكر الي الأستاذ بسام سويدان على الإفتتاحية الراقية النابعة من رقي شخصه التي إستهل بها هذه الأمسية .. والشكر موصول للراقية الشاعرة المتألقة ندي وردا أوراهَم 

 

هل لكَ أن تحدّثنا باختصار .. من هو الإنسان عماد حسو؟ و لِمن يكتب؟ 

 

-أرقى و أنبل ما يوصف به الإنسان هو ( السمو ) ..السمو هو الترفع عن كل أهواء النفس “ومن أشكال ذاك الهوى هو التكلم عن الذات” وإرتقاء هذه النفس و علوها بروحها و علاقتها مع ربها لتكون نفس مُلهَمة و مُلهِمة.. كما وصفها ربنا سبحانه وتعالى في محكم تنزيله في سورة الشمس / الآية ٨ ” و نفسٍ وما سواها * فألهمها فجورها و تقواها ” 

جعلنا الله و إياكم من النفوس الملهمة للتقى و الصلاح .

لذلك لن اتحدث عن نفسي .. لأدع للأفعال أن تتحدث بفصيح الأقوال .

أما عن الشق الثاني من السؤال .. 

فأنا أكتب للنفس البشرية بكل ما يعتلجها من مشاعر و أحاسيس .. أكتب لأدخل السعادة على القلوب الحزينة .. لأهمس في أذن الغريب و أواسيه و أشد من عزيمته .. أكتب لمن يصغي السمع بفؤاده

 

*كيف يوازن شاعرنا بين الأدب و الهندسة المعماريّة؟ و هل من تأثير هذا الاختصاص العلمي على منحى كتاباتك؟ 

 

-كل عِلم من علوم الحياة له إستقلاليته إلا أن فن العمارة و الشعر هما وجهان لعملة واحدة .. عملة قيمتها ذوق و مشاعر و أحاسيس .. و أسهمها بصعود دائم ما دام القلب البشري ينبض .. 

فالعمارة هي لحظة إلتقاء المادة بالروح .. و الشعر هو لحظة إلتقاء الروح بالمادة .

فكما يتم التعامل الوحدات المكونة للعمارة كجمالية نكون نحن جزء منها .. أي نسكنها .. نشغل فراغاتها .

كذلك للبناء الشعري جمالية تسكننا .. تقيم فينا .. فتكون جزء لا يتجزأ من مكوناتنا .

 

*ما هي القصيدة التَي تعتزّ بها و لها وقع خاص لديك؟

هل لكَ أن تقدّمها للحضور ؟ 

 

-القصيدة الجميلة هي التي تثمل الروح بشذاها كما الزهرة الفواحة .. و تبهج النظر و تطرب السمع كلما قُرِأت ولو مضى عليها دهر من الزمن تبقى جديدة متجددة .. من أعز ما كتبته على قلبي قصيدة بعنوان ( هي ) 

هـــــــــي أربع فـُرادة و مـُجمع 

في حـِجرها سـِفر الجمال يركع 

 

همسها لــحــن الخلود..تبضعوا

يا جوار الدار منها قبل تودعوا

 

و اجلبوا لي حـــفنـــة من ثرى 

أقدام خلي لــ أشمه فــــ اهجع 

 

لـــ عبيرها تهفو المشاعر كلـهـا 

لا يلجم الشوق إلا فيض الأدمع 

 

و حنين خفاق اضناه الــــنـــوى 

يضج في لـُجج المحاني مـُوجع 

 

و بقايا روح فــــي الورى سيارة 

تسعى لـــ جمع شتاتها المتقطع 

 

علـِّي إذا ارسلتها لــ جــــنــــانها 

تربى في نعيم الــوصل و تـُينع 

 

و من درجات العشق تـرقى إلى 

فردوس غناء على الأرائك ترتع 

 

و يطوف ساق للهوى مـن عندنا 

بــ دنـــان خمر و الكؤوس تـُقرع 

 

شرابها شـــهـــد اللـُمى و مزاجها 

رَوْحٌ و ريحان يفيض و يــتــرع 

 

فــــ ارتوي حـــد الثمالة منتشي 

و أنــــــــادي في أهـــل السما أن إســــــــــــمـــــــــــــــعــــــــــــوا 

 

لا تسألوني هـــي مــــن؟ هـــي 

هــــي أربــــع و فـُرادة بل أجمع

 

* مشتاقلك يا بو عيون مكحلات بليل 

     يا بو سوالف مستحه و منكهات بهيل

      تدري شقد مشتاقلك هاك الدليل 

   ” عماد حسو ” 

تكتب أحياناً الشعر الشعبي. كيف أثّرت بيئة نهر الفرات عليكَ كشاعر؟ و ما هو الحزن الدّفين الذّي يُخفيه شاعرنا وراء أحداث بلاده؟ 

 

-البيئة الفراتية .. تلك الحاضنة الشعبية التي ترعرعت فيها و جبلت من طيب عاداتها و تقاليدها و أعرافها العريقة التي إستقرت في اللاشعور في نفسي و كل جزئيات ذاتي .. كما جرى نهر الفرات مجرى الدم في أوردتي و شراييني .. لمفردات و مصطلحات هذه البيئة النقية العريقة الحظ الأوفر و الأكبر من كينونتي و كتاباتي .. فكما لهيب شمس الصيف فيها..تكون ثورة أشعاري .. و مع جريان الفرات عذباً رقراقاً ترق مشاعري .. و من قسوة أجواء تلك البيئة صيفاً و شتاءاً..تنبع صلابة مواقفي و ثباتي على آرائي و معتقداتي .

رداً على الشق الثاني من السؤال.. 

عما خلفته الأحداث الدائرة في بلدي الجريح سوريا .. هو حزن ( كما أشرتِ أديبتنا الراقية ندى) و ألم دفين في أعماقي .. لا أظهره ولا أبديه لأحد .. لكنه في بعض الأحيان يتسرب من خلال حنايا أضلعي _رغماً عني_ و يمتزج بحبر دواتي .. 

بالمقابلة قد اخذت عهداً على نفسي بأن انشر الفرح والسعادة و التفائل بين الناس .. أولئك الذي تشبعوا قهراً و ظلماً و حزناً حتى أمتزج في ماهية ذواتهم

 

* شاعرنا عماد حسو يكتب الكثير عن الحب بمشاعر عميقة و يخصّ بالذّكر ” بنت روحي” 

من هي ابنة الرّوح لديه؟ 

 

-أنا لم أكتبها.. بل هي من كتبتني في سِفر العاشقين إماماً .. و إرتقت بروحي قدراً و مقاماً .. و فاضت على قلبي عشقاً و هياما .. 

وُلِدت من رحم روحي و فؤادي فأصبحت  بنت روحي  .. و ولدتني من ثنايا روحها و غذتني بفيض شعرها و شعورها و صرت لها (ابن الروح) 

أحسنت تهذيب نفسي و صقلي .. فحازت على إجماع قلبي و عقلي .. 

هي الناي ابوح به مشاعري نغما ..

هي الحرف الذي إرتقى بيَّ قِمما ..

و هي الغيم تمطر روحي نِعما .. 

هي أمي دون نسب و كناية .. هي أخي و أختي بلا رابطة دم.. بل رابط الروح بيننا أعظم آية 

هي صديقتي و للصدق بيرق و راية ..

هي عشيقتي دون غيٍّ و غواية .. 

هي جنتي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .. هي السعادة و المُنى ( بالمختصر ) 

هـــــــــي أربع فـُرادة و مـُجمع 

في حـِجرها سـِفر الجمال يركع

 

* هناكَ قصيدة لك بعنوان ” غربة روح” 

آنية الفخار تئن 

             في دار عويل و نواح 

كانت تحلم أن يملأها 

             عطر ب شذاه الفواح 

كيف تؤثّر الغربة على روح الشّاعر من وجهة نظرك؟ 

 

-الوطن و الغربة .. نقيضان مؤثران في النفس البشرية ..

فالوطن -وإن عصفت به ريح الخراب- يبقى هو الحضن الكبير الذي يوفر لأبنائه الدفء و الكرامة و الأمان .. و تبقى الأفئدة متصلة متعلقة به مهما تباعدت المسافات و أبعدتنا الظروف .

أما الغربة بالرغم من -إتساع فضائها- تظل سجن للروح و مقبرة للأحلام و الأعمار .

ولعل أكثر من يتأثر بالغربة هم الشعراء .. بإعتبارهم شريحة حساسة المشاعر ، رقيقة الطباع ، سريعة التأثر ، و لهم قدرة على التأثير من خلال رسم مكنوناتهم و وصف حالات الأنين و الحنين

 

*هل لكَ أن تحدثّنا عن اهتماماتك الأخرى غير الشّعر؟ 

 

-ما كان لدي من إهتمامات قد وئِدت و ماتت .. و غرقت في لجج محيط الإغتراب المتلاطم الأمواج .. عشر سنوات عجاف عصفت بها .. فلم تبقي ولم تذر ، سِوى أشلاء إهتمامات رازحة تحت ركامة النوائب .. 

على الرغم من ذاك الدمار الشامل الذي حل بنفسي و إهتماماتها .. أحاول جمع ما تبقى صالح من حجارة طريق الأمل و لملمة شظايا لوحة الحلم التي كانت معلقة على جدار التمني مابين القلب و المُقل .. لأبدأ مرحلة جديدة عنوانها ( ما فات قد مات .. و الخير بما هو آت ).

 

*أيّ أنواع الشّعر الأقرب إليك و تجد نفسك فيه أكثر ؟ و لماذا؟ 

 

-سؤال ذكي أستاذة ندى . سوف أجيبك من حيث إنتهى سؤالك ( لماذا ) … 

لماذا شعر فصيح أو لماذا شعر شعبي .

اللغة هي منظومة أفكار و علوم و مدارك تجري على ألسنة الشعوب .. فمن سبقنا من أقوام في ما مضى من عهود كانوا يتكلمون العربية على السليقة لأنهم فطروا على ذلك .. ولم يكونوا يطلقوا عليها مسمى ( اللغة العربية الفصحى ) .. لأنهم فطروا على ذلك .. و بالمقابل نحن اليوم ، نعيش على رقعة جغرافية تعددت فيها اللهجات و اللكنات التي تفرعت و تشعبت عن اللغة الأم .. نلهج و نتكلم كما سمعنا و رسخ في أذهاننا عن آبائنا و محيطنا منذ ان تفتحت مداركنا على هذه الدنيا .. 

و بالعودة الى صلب الموضوع .. 

إن كتبت باللهجة الشعبية أجد الفرات يتدفق من شرياني لينسكب في محبرة أفكاري .. وإن كتبت بالعربية ( الفصحى ) أجدها ثوباً يكسوني أختال به .. يكملني و يجملني

أكــتــب الفصحى و شـــعـــر شعبي و النبط 

اقــــدح الفكرة من راســــي ما هي بـــ عبط

بـــ فـــــــعـــــــل يسبق قول ما هو بــ شطط 

خــــيــــط البلاغة بـــــ أصبعي معقود انربط 

الــــقــــوافي أسوقها جــــــزلةٍ ما فيها غلط 

و اتــــصيــــد حـــــرها و ابتعد عن نغط بط 

بنات فكري شـــــــــــواهين ما هي قرود تنط

و بــ الهوى اعشق قـــــمـــــر ما أداني السقط

مـــحبــوبتي قصيدة عصما بها القلب ارتبط 

اغازلها و تسامرني و بـ حضينها اغفى و اغط

 

*لديك شغف في تعلّم اللغات. هل حاولت الكتابة بلغة أخرى غير اللغة العربيّة؟ 

 

-كان لدي بعض المحاولات الخجولة لكتابة بعض العبارات التي لازالت مطوية في أقبية الخيال .. 

لكل لغة اصولها و قواعدها و موازينها و ضوابطها التي تتطلب من الباحث أعوام و أعوام من الدراسة و الغوص فيها ليكي يحيط بشيء منها .. و لربما لن يتمكن -رغم فهمه و تمكنه من تلك اللغة- أن يصوغ نصاً أدبياً بتلك اللغة .. يرقى لمستوى أدباء و مفكرين ناطقين بتلك اللغة أصالةً .. 

ومن ناحية أخرى.. نجد واقعنا العربي المعاصر -بما يتمخض عنه من أحداث- قد تجاوز تفكيرنا و مداركنا بأشواط .. و سبق بواقعه و وقائعه خيال الشعراء و المفكرين العرب .. ولازلنا -مهما كتبنا- من نصوص أدبية .. لا نحيط بجزء يسير من هذا الواقع الذي نعيشه .. 

لذا ، من باب أولى أن أكتب و -نكتب- بلغتنا و للغتنا و قضايانا الحياتية .. حتى وإن تمكنا و ملكنا زمام التكلم بلغات أخرى.

 

*في آخر هذا اللقاء نشكركَ على هذه الجهود و نقدّر لك الوقت الثّمين الذي كنتَ فيه معنا ضيفاً راقياً خفيف الظّل.. كلمة أخيرة تودّ توجيهها لكل المتابعين الأدباء و المثقّفين الذي بدوري أشكرهم على هذه المتابعة و حُسن الضيافة و الاهتمام. 

 

-كل الشكر و الإمتنان لكل السيدات والسادة.. نازكات و نجوم مجرَّة الإتحاد الدولي للمثقفين العرب على إثرائهم هذه الأمسية براقي آرائهم و طروحاتهم .. و أرجو أن أكون قد أفدت بمقدار ما إستفدت من فيض عطائهم و آرائهم النيِّرة .

و أخص بالشكر سمو الشيخه نوال الحمود الصباح راعية الثقافة و المثقفين 

الأستاذ د. بسام سويدان عميد الإتحاد الدولي للمثقفين العرب النازكة الراقية الشاعرة د.ندى وردا أوراهَم

زر الذهاب إلى الأعلى