رؤية حول الإسراء والمعراج

 ا.د/ عطية لاشين أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف
في الدين الإسلامي ثوابت يمنع الاقتراب منها والتصوير هذه الثوابت دلت عليها الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وإجماع الأمة ،وغدت معلومة من الدين بالضرورة قال الشاعر
ومن لمعلوم ضرورة من ديننا
جحد يقتل كفرا ليس حد
من هذه الثوابت التي أصبحت معلومة من الدين بالضرورة رحلة الإسراء والمعراج وإن شئت قلت : معجزة الإسراء والمعراج
دل عليهما كتاب الله في قوله تعالى :(سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) وقوله تعالى في سورة النجم ( والنجم إذا هوى ) إلى أن قال سبحانه:(لقد رأى من آيا ت ربه الكبرى )
هذا فضلا عن الأحاديث التي امتلأت بها كتب السنة وبخاصة صحيحي الإمامين البخاري ومسلم
والإسراء والمعراج كانتا يقظة وبالروح والجسد معا لقول الله تعالى : ( بعبده) ومكونات العبد الروح والجسد معا فهل نكذب الله فيما قال حاشا لله ونقول إنها كانت بالروح فقط
كما انها لو كانت مناما لانتفى عنها صفة الإعجازالخارج عن مألوف ومعقول البشر كما أنها لوكانت كذلك أي مناما ما قابلها المشركون بهذا الإنكار الفج
وإلى أخي القارئ الكريم أمثلة من القرآن تدل دلالة لا مرية فيها على أن من المخلوقين من فعل مايعجز غيره عن فعله ،ولم ينكر ذلك احد أيقدر المخلوق، ويعجز الخالق ؟؟!!أنقر مافعله المخلوق وننكر ما فعله الخالق ؟؟!! إن هذا لشئ عجاب !!!
أما مافعله المخلوق ولم ينكر ذلك أحد ماجاء في قول الله عز وجل:(قال ياأيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل ان يأتوني مسلمين. قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين. قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ) فعرش بلقيس كان باليمن في سبأ، وسيدنا سليمان كان ببلاد الشام وبينهما من المسافات الكثير والكثير والكثير ومع ذلك استطاع مخلوق في أقل من غمضة عين أن يأتي به ٠
كما أن الريح التي سخرها الله لسيدنا سليمان كانت تقطع في يوم واحد ما يقطع في شهرين ،قال تعالى:(ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر ) والريح مخلوقة لله عز وجل أفيقدر المخلوق ويعجز الخالق ؟؟؟!!!
كما ان الأقمار الصناعية وهي منتج بشري، والمركبات الفضائية والصواريخ العابرة للقارات تطوى وتتلاشى أمامها المسافات وما كان يقطع من هذه المسافات في شهور أصبح بهذه المخترعات يقطع في لحيظات أتقدر المخترعات ويعجز رب هذه المخترعات ؟؟؟!!!
هذه بعض أمثلة من الواقع المعاش قوبلت بالتسليم والقبول وعدم الإنكار وهي تسلم في نفس الوقت بالتسليم والإقرار والاعتراف وعدم التكذيب لرحلة الإسراء والمعراج بل هي أولى ألف مرة بالتسيلم لأنها فعل الخالق الذي إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون
مكمن المشكلة
أن الحداثيين ،والمستغربين، والماديين يخضعون كل شئ للعقل فما وافق عقلهم أثبتوه، وما خالف عقولهم القاصرة جحدوه وأنكروه وكأنهم يجعلون العقل وهو مخلوق حاكما على شرع الله ،أما صفات أهل الإيمان فلسان حالهم يقول سمعنا وأطعنا كما يقول ماحكاه عنهم القرآن( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولائكهم المفلحون )
وعلى رأس قائمة أهل الإيمان سيدنا أبو بكر رضي الله عنه الذي لقب بالصديق لأنه حينما بلغه خبر الإسراء والمعراج لم يعمل عقله المخلوق لله عز وجل بل أعمل يقينه الصادق حيث قال أبو بكر : لئن كان كما قال فقد صدق )
فكل من يقر بما أثبته الله في كتابه وأكدته سنة نبيه فهو على نهج الصديق يسير وقد بلغ مرتبة ومنزلة عالية من اليقين ،ومن نفا ماجاء به القرآن وما جاءت به سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فعلى خطى مشركي أهل مكة الذين جحدوا معجزة الإسراء والمعراج وكذبوها فهو متبع ومقلد لهم ٠
واما مايبديه البعض من التحليلات العقلية والبشرية وإن كان من أهل العلم بالأدلة التشريعية يعترض على رحلة الإسراء والمعراج من خلال قوانين الجاذبية ومخالفة التركيبة البشرية لأهل العلوية ،فنقول لهم إذا أضيف الفعل إلى الله عز وجل فلا مجال لقول بشر لأن الله لا تحكمه قوانين بل هو الذي يسيطر على هذه القوانين ويحكم بقدرته بتوقف هذه القوانين ٠
ونختم حديثنا عن معجزة الإسراء والمعراج بما قاله أمير الشعراء :
يتساءلون وأنت أطهر هيكل
بالروح أم بالهيكل الإسراء
بهما سموت طاهرا ومطهرا
وكلاهما نور وروحانية وبهاء
تغشى الغيوب من العوالم كلما
طويت سماء قلدتك سماء
فضل عليك لذي الجلال ومنة
والله يفعل ما يرى ويشاء
صلى الله وسلم على صاحب الذكرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

زر الذهاب إلى الأعلى