روعة محسن الدندن..تكتب.كمائن الإتفاقيات

 

عندما نقرأ العنوان سنتساءل هل مايتم من اتفاقيات هي كمائن للشعوب التي يخطط لابادتها فعلا وكيف يمكننا الوثوق بمن يقولون لنا أنهم حلفاء وكل مايحاك بين القوى الكبرى يعيد نفسه رغم اعترفاتهم وتوثيقهم لما حدث لشعوب السابقة

 

وأول من اكتوى بنار الإتفاقيات كان شعب الهودينوسونيHaudeosaunee فبرغم حقهم في أكثر من نصف ماصار يعرف اليوم بولاية نيويورك بموجب معاهدة فورت ستانويكس Fort Stanwix لعام ١٧٨٤م فإن حاكم الولاية جيمس كلينتون سرعان ما استلبهم بالشمال ماأعطتهم الإتفاقية باليمين، واضطرهم هم وما تبقى من ” الأمم الست” إلى الإنكفاء بالقوة داخل منعزل بور صغير .أما شعب الأونيدا Oneida الذي اطمأن إلى الإتفاقيات والوعود وأبلى إلى جانب جورج واشنطن في حرب الإستقلال بلاء” الحلفاء” المخلصين منتظر عيد الشكر .فإن كلينتون تنكر لكل اتفاقيات واشنطن معهم ووعوده لهم فطرد المسالمين منهم إلى وسكنسون وأما المشاغبون فإنهم انتهو في معصرة غضب العرب .إن كل ماتبقى من هذا الشعب اليوم أسماء رمزية لمدن لا يسكنونها ومقاطعات وأنهار استعصت على أشباحهم

 

post

بذلك أدركت الإتفاقيات من الهنود ما أدركته الأوبئة والحروب المتواصلة ،فلم تمض فترة طويلة على خطة واشنطن حتى كان الشمال الشرقي للولايات المتحدة قد تطهر من الشعوب الهندية ،وبدأت عيون ” القدر المتجلي” تتطلع بعيدا ،إلى الغرب من نهر المسيسيبي حتى انهارت فكرة تخصيص هذا الغرب وطنا للهنود في أقل من ٧٥ سنة ابتلعت هاوية الإتفاقيات مايعرف اليوم بولاية ميزوري،وأركنسا،وإياوا،وأتت الإجتياحات على الباقي ،فمن لم يمت بالسيف مات بالإتفاقيات.وكان الغزاة في أثناء ذلك قد اجتاحوا تكساس ،وضموا أورغون،وأيداهو،وواشنطن التي تخلى عنها البريطانيون بعد حرب الإستقلال لأعدائهم الثوار ورفضوا أن يعطوها لحلفائهم الهنود والذين حاربوا إلى جانبهم وبذلوا دمهم في سبيل نجاتهم .وفي عام ١٨٤٨م عندما اجتاحت الولايات المتحدة المكسيك وسلخت نصف أراضيهم واستولت على كاليفورنيا وأريزونا ونيفادا وأوتاوا ونيومكسيكو وجنوب كولورادو صار المسيسيبي أقل من شرقه.وأطبق الحصار على هؤلاء الأشقياء من كل جانب

 

وهذا يفسر لنا ما قاله السيناتور هارت بنتون في خطاب أمام مجلس الشيوخ عام ١٨٤٦م

” إن قدر أمريكا الأبدي هو الغزو والتوسع .إنها مثل عصا هارون التي صارت أفعى وابتلعت كل الحبال .هكذا ستغزو أميركا الأراضي وتضمها إليها أرضا بعد أرض ذلك هو قدرها المتجلي .أعطها الوقت وستجدها تبتلع في كل بضع سنوات مفازات بوسع معظم ممالك أوروبا .ذلك هو معدل توسعها”

 

وهذه التجربة ربما أصبحت درسا للقوى الكبرى وطريقها لإبادة الشعوب من خلال سياسة الإبادة بالحصار والتجويع والتدمير الشامل للبنى الإقتصادية اللأزمة للحياة لأنها أسهل من الحرب المسلحة وأجدى وأقل كلفة ولأنها لن تترك من خيار سوى الهجرة أو الموت جوعا

 

وهذا مافضله القائد العسكري سكوت أنتونيScott J .Antony

ومع اكتشاف الذهب والفضة والثروات الخام تحت أقدام الهنود هنا وهناك تكرر خرق الإتفاقيات في معظم مناطق السهول الكبرى وتعرضت الشعوب الهندية لحروب تجويع شرسة أبيد ما أبيد كل احتياطي الجواميس في هذه المناطق الممتدة طبيعيا من حدود المكسيك جنوبا حتى القطب شمالا ،أما الذين قاوموا كشعب السانتي ،فأصبحوا هدفا مشروعا لحرب الإبادة وفعلا فقد وجه حاكم داكوتا دعوة علنية إلى إبادتهم أو ترحيلهم ،ولما رفضوا التهجير زحف إليهم الجنرال هنري سيبلي Henry H. Sibley على رأس بضعة آلاف من المليشيات فأعملوا فيهم تقتيلا وتهجيرا ،وصادروا كل أملاكهم لتغطية نفقات الحملة العسكرية ،وساقوا الذين استسلموا منهم وكانوا بحدود الألفين إلى زرائب مهجورة حيث أقيمت أكبر حفلة اعدام جماعية في تاريخ أميركا ،ثم أعلنت الولاية عن مكافأة لكل من يأتي بفروة رأس لأحد (الفارين) فاستعر صيد الرؤوس لأكثر من سنة إلى أن تتوج بنصب كمين للزعيم لتل كروو Little Crow العائد من كندا حيث قتل وتلقى قاتلوه خمسمائة دولار إضافة إلى مكافأتهم ،ثم نصبت فروة رأسه وجمجمته في مكان عام من سانت بول للذكرى والإعتبار

 

المراجع ( حق التضحية بالآخر ” أميركا والإبادات الجماعية”)منير العكش

زر الذهاب إلى الأعلى