المماطلة في الدين

: أ.د/ عطية لاشين – عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف

س يقول : ما حكم من يماطل في سداد الدين وهو قادر على سداده؟

الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ)[البقرة(282)] , والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم روت عنه كتب السنة :”من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله”.

وبعد :

الناس للناس من بدو وحاضرة

post

بعضهم لبعض وإن لم يشعروا خدم

هكذا ينبغي أن تكون علاقة المؤمنين بعضهم مع البعض الآخر علاقة ود وحب وتسامح وتصافح ، وان يمد الغني يده بالمساعدة والإقراض لمن كان مضيقا عليه في الرزق ، وعلى من اقترض من غيره مالا ، أن يبادر بسداده ويسارع بإبراء ذمته من هذا الدين ، لكي يرفع عن كاهله هم الدين بالليل ، وذله بالنهار ، وأن ينوي نية السداد والوفاء عند الاقتراض فإن كان كذلك أعانه الله سبحانه على هذه النية الحسنة لأن الله العلي الكبير قائل : ( إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا) [الأنفال(70)] وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول : “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى”.

وبخصوص واقعة السؤال نقول :

إن المدين القادر على السداد القادر على الوفاء لكنه يماطل ، وعنده الجرأة على أكل أموال الناس بالباطل فإني واضع بين يدي هذا المدين المماطل جملة من أحاديث النبي الكريم إذا وعاها بقلبه، وسمعها بأذنه واعية ما سمح لنفسه قط بالمماطلة ، من هذه الأحاديث ما يلي :

١ – روى البخاري عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مطل الغني ظلم”فالحديث يتضمن زجرا شديدا ، ويحمل وعيدا أكيدا على المطل في سداد الدين وكان قادرا على ذلك حيث عده الحديث ظالما ، واعتبره أهل العلم فاسقا .

٢ – روى أحمد وأبو داود وابن حبان عن عمرو بن الشريد عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “لي الواجد يحل عرضه وعقوبته” ومعنى : “لي الواجد”أي مطل الواجد الذي هو قادر على السداد لا غيبة له إذا اغتابه الناس ولا يؤثمون بذلك.

٣ – روى ابن ماجه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “من مات وعليه دين ، أو درهم قضي من حسناته ، ليس من دينار ولا درهم”.

أبعد كل هذه الأحاديث وغيرها كثير يماطل المدين القادر على السداد في سداد دينه .

إن هذا لشيء عجاب

والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد

 

زر الذهاب إلى الأعلى