حوار حول “الثقافة و التعددية الثقافية” 

مع الدكتور السيد إبراهيم أحمد..  الكاتبة والإعلامية السورية العربية روعة محسن الدندن

أدارت الحوار

 

الإعلامية والأديبة السورية روعة محسن الدندن – مديرة مكتب سوريا للاتحاد الدولي للصحافة والاعلام الالكتروني

 

 

post

مديرة مكتب أخبار تحيا مصر في سورية

مستشارة رئيس التحرير لجريدة أحداث الساعة

 

ضيف الحوار

 

د.السيد إبراهيم

 

رئيس تحرير مجلة كنوز الأقلام

 

 

عضو شعبة المبدعين العرب بجامعة الدول العربية

رئيس قسم ١لأدب العربي باتحاد الكتاب والمثقفين العرب ـ باريس.

 

من الشخصيات التي أشعر بالجوع كلما حاورته ،لأكتشف عبقريته، وهو بدوره يعرف ما أرمي إليه، ويقرأ مابين السطور، وكأننا نتحدث وجها لوجه، وليس من خلف الشاشة .

أكثر ما جمعنا هو فن المحاورة ،والبحث العميق عن المعلومة.

جمعتنا صداقة منذ سنوات ،وتعلمت منه الكثير في البدايات ،ومازلت أتعلم منه ،من خلال متابعته وحواراتنا.

ولا أنكر أنني في البدايات حاولت استفزازه كثيرا من خلال التعليقات وتعمدت محاورته بشكل مباشر في أول حوار جمعنا.

بعض الشخصيات تحمل بين جنباتها المسؤولية نحو مجتمعاتها ،وأهدافها تصب في بحر العلم والمعرفة لبناء الإنسان فكريا وثقافيا ،ويكون عونا من أجل رفع المستوى الفكري والعلمي والثقافي، وهذا الذي جعلنا نطرح الكثير من الحوارات معا ويكون حوارنا عن أهمية الثقافة لأنها

تعد عاملا مؤثرًا في كل المجتمعات الإنسانية بشكل أساسي، إن لم يكن من أشدها تأثيرًا فيه، ذلك أن كل ما في المجتمع يتأثر بها كمنظومة من منظومة القيم التي تشكل أفراد المجتمع باعتبار الثقافة طريقة من طرق الحياة الشاملة لكل مجتمع، كما أنها الأسلوب المشترك الذي يجتمع عليه الجميع بمختلف طبقاتهم وفئاتهم وهو ما يعني احترام اختلافهم في التعاطي الإنساني داخل المجتمع. كما أن التعددية الثقافية ظاهرة كونية سنها الله تعالى، ولا يكاد يخلو منها مجتمعا بشريا على مستوى العالم، ولذا فقد خلقت أجواءً من التعاون على المستوى الاقتصادي نتيجة للتبادل التجاري السلعي، كما أفرزت العديد من التباينات الثقافية التي أثرت في ثقافة كل مجتمع كما تأثرت بها في إطار منظومة التأثير والتأثر التي عرفتها الحضارات الإنسانية على مدار عمر البشرية الطويل.

 

عن الثقافة والتعددية الثقافية نبحر في الحوار مع الدكتور السيد إبراهيم أحمد، رئيس قسم الأدب العربي باتحاد الكتَّاب والمثقفين والعرب.. أرحب بك مجددا صديقي الرائع وأبدأ معك حواري:

 

١ ـ ماذا لو بدأنا أولا بتعريف الثقافة؟

 

الثقافة ليس معناها المعرفة، وإنما هي كل ما يدخل في النسيج المجتمعي بشكل كلي وشمولي من معتقدات وأفكار متأطرة في البنية، وقيم تحتية أو فوقية تصوغ مفاهيم تتشكل تبعا للمشترك الإنساني، وليس مهما هنا أن تكون الثقافة ثرية في مضامينها أو فقيرة إنما الأهم أنها قادرة على خلق أرضية تصنع التفاهم بين المجتمع الواحد، كما أن الاختلاف بين المجتمعات لا ينصب على الثوابت.

 

الثقافة كمفهوم طبقًا لعلم الاجتماع لا تعرف الفارق بين عالم الاجتماع في النظام الرأسمالي أو عالم الاجتماع في النظام الاشتراكي؛ إذ أن العلماء يختلفون في أمور كثيرة لكن يجتمعون في تعريف الثقافة من اهتمامهم بواقع اجتماعي قائم بالفعل في زمن معين ومكان معين لن يخترعوه، في إطار فكري معين، على عكس عالم الاجتماع المسلم الذي ينصب تفكيره على خلق واقع اجتماعي لم يوجد بعد، وهو ما يخلق اختلافا في ارتباط مفهوم الثقافة داخل علم الاجتماع في هذه الناحية.

 

٢ــ ما علاقة الثقافة بالمجتمع، ومفهوم الثقافة في الإطار المجتمعي معالي الدكتور؟

 

إذا تناولنا علاقة الثقافة بالمجتمع، سنجد أن الثقافة كمركب يتسم بالشمولية والكلية في المعتقدات والقيم يبقى في النهاية موروث إنساني مشترك في شقيه المادي والمعنوي، ينتقل عن طريق الاكتساب لا الخبرة من أفراد المجتمع الذي يعيشون فيه سواء أكانت معتقدات أم فنون أم عادات عن طريق الاستجابات التي استطاعت أن تصيغ أفكاره وسلوكياته، ويتم ذلك عبر اللغة التي يتحدثونها ويفهمونها نطقا وكتابة ورموزا باعتبارها الوعاء الحامي والحامل لبنية الثقافة وجسرها الذي يعمل على تيسير انتشارها ونقلها، كما يستطيع اكتساب ثقافات أخرى.

 

مما لا شك فيه أن الإنسان كائن اجتماعي وهو المقرر في العلوم الاجتماعية ولذا فهذه العلوم تنشغل بمتابعة سلوكه الصادر عنه الذي يحمل في كثير من الأحيان تشابهًا كبيرا تكراريا منتظما بين كافة المجتمعات لا يكاد يخرج عنه، وهذا لا ينفي أن هناك فوارق واختلافات وتباينات في ذات الوقت لكن المشتركات في الأرضية الإنسانية من حيث الأنماط والأفعال تحمل صفة الانتظام، وهو الأمر الذي من أجله قامت الدراسات الكثيرة بل قامت العلوم الاجتماعية بأسرها لدراسة الطبيعة الإنسانية، وهو ما يعني أن هناك علاقة بين ركيزتين هامتين تحكمان العلوم الاجتماعية: الثقافة والمجتمع.

 

٣ــ لكن هل نغفل الانتماءات الثقافية والعلاقات الاجتماعية في المجتمع؟

 

بالطبع لا، إن المجتمع يقوم على التساند والتعاون والتكاتف حتى وإن كان هناك اختلافًا في النمط الحياتي بين أفراده، خاصة وأن الناس في مجتمعاتهم لا يعيشون حتى في ظل المساواة التامة نمطا واحدا بل بينهم فوارق بالطبع، ولهذا حاول علماء الاجتماع تنميطهم تبعا لتلك الفوارق فوجدوا أن هناك نمطًا من الناس يندرج تحت النمط القدري، وهناك من ينتمون تحت النمط المتدرج في صعود، ومنهم من يندرج تحت النمط الانعزالي بعيدا عن آراء المجموع بل مستقلا برؤيته، وهناك من يرفض المجموع ويعجبه النمط الفردي، وهناك من يرغب في العيش تحت النمط المساواتي المتجانس.

 

إن كل نمط من الأنماط الحياتية التي تعرضنا لها لا يعني أنها تعيش ضمن ثقافة متحيزة لجماعتها مغلقة عليها، ولكن قد يكون على الرغم من هذا علاقات اجتماعية تسود بين نمطين أو أكثر داخل إطار نفس المجتمع وقد لوحظ هذا في الولايات المتحدة الأمريكية مثل النمط المساواتي والنمط الفردي، ومثلما يعيش في المملكة المتحدة النمطين الفردي والمتدرج، وهو ما يعني قبول الأفراد المنضوون تحت نمط حياتي ما لطريقة عيش الأفراد المنضوون تحت نمط حياتي مختلف.

 

مما تقدم يحكم جميع الأنماط ثقافة خاصة بهم بنمطهم، وثقافة خاصة بالتعايش الجمعي فيما بينهم حتى لو انتقل البعض من نمط حياتي إلى نمط آخر غير أنه لا يمكن لنمط حياتي واحد أن يسود ويلتهم بقية الأنماط، ومن هنا نتيجة لهذه الانتقالات بين الأنماط الاجتماعية المتباينة كان العاصم في اللجوء إلى التحالفات الثقافية لتعويض مثل هذه التغيرات التي تحدث بشكل دائم.

 

٤ـ قبل الدخول إلى “التعددية الثقافية” أرى أن تحدثنا دكتور السيد عن علاقة الهوية بالثقافة وحمايتها، ودورها في بناء الهوية؟

 

تمهيد جميل قبل مناقشة التعددية الثقافية كاتبتنا الكبيرة. إن من أهم ضوابط التعايش الثقافي بين أصحاب العقائد المختلفة داخل المجتمع الواحد هو احتفاظ كل مجموعة بهويتها القومية، وخصوصيتها الثقافية، وعقيدتها الدينية دون أن تعمل على سلب هويتها وخاصة الاجتماعية في محاولة لتذويبها في الوعي الجمعي، حيث أن الهوية طبقا لمفهوم علم الاجتماع تتعلق بالهو أي تتعلق بالخصوصية الفردية وتقوم على علاقة الفرد بالجماعة المحيطة به داخل بيئته، ذلك أنها تجمع صفات أفراد المجتمع ككل والأحداث التي تتناسق بينهم وتتكامل، ويتفاعلون من خلالها بعيدا عن القطعية الهوياتية، ولهذا فعلم الاجتماع يقارب مفهوم الهوية بمفاهيم أخرى مقاربة لها في المعنى والاتجاه، وذلك من مثل: الانتماء، والمواطنة، والتعايش، والقومية، والذاتية ومع هذا الاختلاف اللغوي إلا أن الهوية تبقى في النهاية عامل إنساني هام.

 

وترتبط الهوية الاجتماعية بالثقافة ارتباطا وثيقا لا يقبل الفصل بينهما، مهما كانت الثقافة المرتبطة بها قوية أو ضعيفة؛ فهي ضرورة ذاتية على المستوى الفردي، وضرورة وطنية قومية على المستوى الاجتماعي والجماعي وليس هناك نية في أعماق الفرد بالتنازل أو التخلي عنها، لأن في التنازل عنها تنازل عن ذاتيته وذلك خيانة، وتنازل عن مجتمعه وهذه خيانة أيضا، ولذلك فأن الفرد والجماعة غالبا ما يقفون صفا واحدا ضد أي اختراق ثقافي لهويتهم التي هي جزء هام من ثقافتهم الموروثة.

 

٥ ـ وكيف تحمي الثقافة الهوية الاجتماعية؟

 

دخلت العولمة الثقافية المجتمعات كواحدة من أخطر الثقافات التي شكلت ومازالت تشكل خطرًا كبيرًا على الهوية الذاتية والثقافية والاجتماعية وذلك بشكل استعماري عن طريق إفناء كافة الثقافات لكافة المجتمعات وتوحيدها من خلال توحيد العالم بما تمارسه رأس العولمة في العالم من محاولات لتذويبها وإقصائها وذلك حين عملت على نشر ثقافة العولمة بالإكراه، وذلك من خلال آليات تتمحور حول تدفق الاستثمارات الأجنبية على رأس الشعوب وشق الصف داخلها بين مؤيد ومعارض، وبث التدفق المعلوماتي والتكنولوجي الباطش الذي يحمل تلك الأفكار عبر الإنترنت خاصة في استهداف الشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي في محاولة لسلب هويته وفقدان الخواص الحضارية للشعوب.

 

ومن هنا عملت الثقافة على حماية الهوية الاجتماعية والثقافية من خلال بث التمسك بها بما لها من هيمنة في النفوس والوعي القومي للشعوب، فتمترس الشعوب خلف حصونها الثقافية في محاولة أكيدة نحو المحافظة عليها؛ فالثقافة تشكل في وجدان الناس حق أصيل لهم لا يمكن استلابه منهم، كما جرى العمل على ركيزة التعامل المتبادل في ضوء احترام الهوية داخل المجتمع الواحد، وهو ما يعني الوقوف داخل تفتيت البنية الكلية للشعوب وتهوين هويتها في نفوسهم، وتعزيز مصادر الهوية القائم على التدين وكذلك إرساء احترام الهوية الطبقية المتعددة داخل المجتمع، والهوية العرقية الإثنية للشعوب المراد محو ثقافتها، والاعتزاز باللغة واللهجة كأحد أهم مظاهر الهوية الثقافية للشعوب، واحترام الثقافة التي تشكل المجموع الكلي لكل هذه المفردات والتي هي التعبير الكلي عنها دوما.

 

٦ـ إذن ما هو دور الثقافة في بناء الهوية الذاتية والاجتماعية معالي الدكتور؟

 

الثابت أن العلاقة بين الثقافة والهوية في الأفراد والمجتمعات من القوة بحيث لا يمكن التعويل على أيهما أكثر تأثيرًا في الآخر، حيث يرى بعض علماء الاجتماع أن الثقافة المركوزة في الأفراد تكتسب أهميتها في كونها نابعة من هوياتهم التي تنمو وتترسخ فيهم عبر أجيال، كما أن الذي يعول عليه البعض أن الهوية في ذاتها سواء في الأفراد أو الجماعات هي هوية ثقافية في الأساس أي أنها نابعة من ثقافته، وهكذا تقوم علاقة جدلية بين الثقافة والهوية لا فكاك لهما من بعضهما، وهو ما يعني في النهاية أهمية الثقافة في بناء الهوية الذاتية والاجتماعية، ذلك أن الفرد يكتسب ثقافته في الأغلب من البيئة المحيطة به التي يتمثلها ويقبلها ويستوعبها ويتعامل بها داخل ذات المجتمع، ويعول العلماء على تقسيم الثقافة المكونة للهوية بين الأصالة من بيئته أو استعارتها من ثقافة وافدة عليه.

 

إن الثقافة هي الأساس في بناء الهوية على المستويين الذاتي والجماعي التي يكتسبها الفرد طواعية واختيار من داخل بيئته وأنساقها المتعددة من خلال نسق الثقافة الدينية وتتركز في المعتقد الذي يتطابق بينه وبين المجموع، ونسق اللغة أو اللجة التي يتحدث بها معهم أو يفكر بها كذلك، ونسق التراث الثقافي والحضاري الموروث الذي ينتمي إليه، ويحمل جينات العرق الذي ينتمي له المجتمع ككل ولا يستطيع التنصل أو الفكاك منه في اللون أو الشكل الكلي للمكون الاجتماعي.

 

إن لكل مجتمع هويته الثقافية التي تجعله مختلفا عن بعض المجتمعات الأخرى، حيث أن لكل مجتمع ثقافته العامة التي توافق معها ووجدت عنده وفيه قبولا وشكلت هويته الذاتية والاجتماعية.

 

٧ـ أرى أن حماية الثقافة للهوية يوجب تحديد مفهوم التعددية الثقافية قبل مناقشته. أليس هذا صحيحا يا دكتور؟

 

صحيح تماما محاورتنا القديرة. إن التعددية كمفهوم مازال مثار خلاف بين العلماء والفلاسفة غير أن الذي يمكن الاعتماد عليه من أقوالهم أن التعدد قاعدة أساسية في الحياة الإنسانية توجد حيثما يوجد البشر في أي مكان. يتوقف مفهوم التعددية الثقافية على مدى قابلية المجتمع وتقدير أصحاب الثقافات المختلفة لبعضهم البعض، غير أن المفاهيم للتعدد تختلف من عِلم إلى علم؛ ففي علم الإنسان تشير إلى طرز الحياة التي تعيشها بعض الجماعات البشرية والتي بينها وبين غيرها من الجماعات اختلافا كبيرا، بينما في العلوم السياسية تشير إلى الجماعات المختلفة في الرقعة الجغرافية. غير أن التعددية الثقافية ينصب اهتمامها على أن يكون التنوع داخل منظومة الوحدة والتعايش.

 

٨ـ لتوضيح الأمر أكثر هل تضرب لنا سيادتكم نماذج مختلفة للتعددية الثقافية في العالم؟

 

من النماذج المختلفة للتعددية الثقافية في العالم ومنها في قارة أفريقيا: (أثيوبيا، السودان، روديسيا “زيمبابوي”، جنوب أفريقيا، ناميبيا، رواندا، بوروندي) وغيرها من الدول، والتي يتعدد وجود الحركات العرقية في بعضها والتي تتقاتل من أجل الانفصال أو ما يسمونه التحرر، وقد يدخلون في اقتتال وحروب أهلية تؤدي لتصفية بعضها البعض عن طريق قيام حروب العصابات والتظهير العرقي والخطف والاغتيال، ودولة السودان من أكثر الدول الإفريقية التي بها حركات أغلبها انفصالية ومعظمها يقطن الجنوب السوداني. كما توجد في قرية آسيا ومنها الاتحاد السوفيتي والصين والعراق وإيران، كما يأتي إقليم كيبك في دولة كندا وفيها أغلبية فرنسية ومعها أقلية الأنجلو سكسون.

 

كما يتسع نطاق التعددية الثقافية ليشمل أغلب الكرة الأرضية بحيث أصبح هو القاعدة الأساسية، وتجانس الشعوب داخل الدولة أمر نادر الحدوث، وقد ثبت أن هناك مائة واثنين وثلاثون دولة تتمتع باستقلالها السياسي بينما عدد الدول التي تتمتع بالتجانس الثقافي لا يزيد عن اثنى عشرة دولة، ولأما تداعياتها فيبدأ من انهيار الإمبراطوريات الكبرى التي تفتت لوحدات صغرى.

 

تضم بعض الدول العديد من الحركات العرقية التي تنقسم بدورها إلى جماعات سياسية يقع بينها التناحر والشقاق، فالمشتركات بين بعض الشعوب داخل الدولة الواحدة قليل في اللغة والدين واللهجة والعرق واللون والدين والمذهب والأيديولوجية، وهي سبب التعايش وسبب التنازع بينها.

 

٩ـ وماذا يفعل قادة الدول المتعددة الثقافات للتعامل مع هذه الظاهرة؟

 

يتبع القادة السياسيون من خلال رؤيتهم لواقع بلادهم يتبعون العديد من الاستراتيجيات والأساليب في سبيل تحويل مشكلة التعددية الثقافية من دائرة السلب إلى دائرة الإيجاب، ومن هذه الأساليب والاستراتيجيات التي تم تطبيقها في بعض الدول وصارت نموذجا يحتذى:

 

ـ أسلوب الاحتواء: وهو يقوم على استيعاب الأقليات داخل التكامل القومي والوطني والمحلي، لمحو أو تجنيب كافة الولاءات القبلية والمذهبي والدينية وغيرها، على أن يتم توحيد الانتماء إلى ولاء وانتماء واحد غايته هو أن يكون الوطن الذي يعيش فيه الجميع في تنوع يعرف الوحدة.

 

ـ أسلوبي الدمج المصلحي، والإقصاء: ويقوم الدمج المصلحي على الالتفاف حول المنافع والمصالح التي تأتي عبرها، بينما الإقصاء يعطي الحق في انفصال من يريدون الاستبعاد لكيان مستقل. مع تقديم حزمة من البرامج السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية التي ستقدم حلا هاما للتعددية.

 

١٠ـ وأي الاستراتجيات التي يراها الدكتور أفضل في إدارة التعددية الثقافية داخل هذه الدول؟

 

أرى أن أفضل استراتيجيات ظاهرة التعددية الثقافية هو أسلوب الاستيعاب والاحتواء الذي يسمح لكل العرقيات الإثنية والتي تتباين فيما بينها من فوارق أن الأفضل هو تذويب الانتماءات لكي تكون كلها داخل الشعور بالولاء والانتماء للوطن الأم وإعلاء مصالحه ومستقبله، واستبعاد أسلوب الإقصاء والاستبعاد من خلال انفصال إقليم أو جماعة عن الوطن الأم بالجغرافية والتاريخ مرفوض في أغلبه.

 

كما أرى أن ليس هناك أمام من يسكنون الدول التي تعرف التعددية الثقافية من أمل سوى أن يتعاونوا ويتكاتفوا خاصة أن سنن الله لابد أن تجري في خلقه شاءوا أم أبوا، وأن السياسات التي يجب اتباعها هي: التكامل والتوحد والتعاون والتكافل، بديلا عن الحروب الأهلية والخطف والقتل والترهيب والترويع والتنازع طول الوقت من أجل إبادة الأقلية على أساس التطهير العرقي لأنه في النهاية مخالف لأمر الخالق الذي خلق الجميع دون إرادة منهم وهو ما يشكل عصيان لإرادة الله، لأن التجانس لن يكون هو القاعدة مهما فعلتم من هذه الأفاعيل التي تضاد البشرية، وتحارب السلام والإخاء والمحبة وهي التي تنادي بها الديانات السماوية كافة، وكذلك القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بدعوى حقوق الإنسان، وهذا ما أوصي به من العودة إلى التراحم والتعاون واعتبار التنوع الثقافي استثمار ورحمة.

 

لم يتبقَ لي بعد هذه الحوارية الرائعة التي حاولتُ من خلالها التعرض للثقافة، وتأثيرها في المجتمع، واتصالها بالهوية وحمايتها، وكيفية إزالة التناقض في ارتباط الثقافة بالهوية لكل أصحاب ثقافة مختلفة ويعيشون داخل مجتمع متعدد الثقافات، من خلال احترام ثقافة كل جماعة، وعدم تعارضها مع الثقافات الأخرى، وإقامة دروب التعاون والتواصل تحت مظلة الثقافة بخصوصياتها ومحدداتها، إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل للمفكر الموسوعي الدكتور السيد إبراهيم أحمد على أمل الإبحار معه في محاورة فكرية جديدة تثري الفكرين: العربي والعالمي.

زر الذهاب إلى الأعلى