الحج المبرور جزاؤه الجنة

: د. عمرو حلمي

لقد جعل الله عز وجل الطاعات وسائر أعمال الخيرِ مكفِّرات للذُّنوب ورافعات للدَّرجات ومن أجل الطاعات في الأجرِ وأعلاها في الدرجة الحج المبرور.

والحج المبرور : هو الحج المستوفي أحكامه وشروطه وكان أدائه على الوجه الأكمل وله علامات يتحقق بها بر الحج كما أن هناك أمورًا تنافي ذلك.

وهناك شروط للحج المبرور منها :

أولا : إخلاصُ النية لله تعالى :
والإخلاص هو ميزان الأعمال وأساس قبولها عند الله؛ والله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتُغِيَ به وجْهُه , وفي الحديث : «حجَّ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ علَى رَحْلٍ رثٍّ وقَطيفةٍ تُساوي أربعةَ دراهمَ أو لا تُساوي ثُمَّ قالَ : اللَّهمَّ حَجَّةٌ لا رياءَ فيها ولا سُمعةَ».

post

ثانيا : الاقتداء والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله :
إذ يجب على المسلم أن يحرص على أن تكون أعماله كلها موافقة لهَدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته , بما في ذلك مناسك الحج.

كما حرص الصحابةُ رضي الله عنهم على الاقتداء بالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم في كلِّ شيء ، لا سيما العبادات ، ومنها فريضةُ الحج ، الَّتي تؤخذُ أركانها وسُننُها وآدابها من هَديِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الَّذي فصَّل ما أجمَلَه القرآن , وفي الحديث : «يا أيُّها النَّاسُ خذُوا مناسِكَكم، فإنِّي لا أدري لعلِّي لا أحجُّ بعدَ عامي هذا» أي: تعلّموا منِي واحفَظوا الأحكام الَّتي أَتيت بها في حجتي من الأَقوال والأَفعال فخذوها عنِّي واعملوا بِها، وعلِّمُوها النَّاس.

ثالثا : الإعداد وتهيئة النفس قبل الحج.
وذلك عن طريق التوبة النصوح واختيار النفقة الحلال والرفقة الصالحة وأن يتحلل من حقوق العباد.

رابعا : الاستكثار من فعل الطاعات واجتناب المعاصي والمنكرات.
ويكون ذلك بأن يحفظ المسلم حدود الله ومحارمه ، فيصون سمعه وبصره ولسانه وسائر جوارحه عما لا يحل له. ولقد حث الله عباده على التزود من الصالحات وقت أداء النسك ، قال تعالى : {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}[البقرة (197)] ، كما نهاهم عن الرفث والفسوق والجدال في الحج , فقال تعالى : {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة (197)].

خامسا : أن يستشعر الحاج حِكَم الحج ومعانيه وأسراره.
فثمة فارقٌ كبير بين من يحج وهو يستحضر أنه يؤدي شعيرة الله ، فيؤجر على فعلها , ويتذكر بحجه هذا يوم القيامة , ذلك اليوم الذي يجتمع فيه العباد للعرض على الله ، وبين من يحج على سبيل العادة ، أو لمجرد أن يسقط الفرض عنه أو ليقال : الحاج فلان.

هذا وهناك علامات للحج المبرور منها :
أن يكون حال المسلم بعد الحج خيرًا من حاله قبله ، وشاهدُ هذا في قوله تعالى :{وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَءَاتَىٰهُمْ تَقْوَىٰهُمْ}[محمد:17].

فإذا استقام حال المسلم بعد حجه بأن التزم طاعة ربه ، وكان الحاج بعد الحج أحسن حالاً منه قبله ، فإن ذلك من علامات قبول الحج.

قال بعض السلف : «علامة بر الحج أن يزداد بعده خيرًا، ولا يعاود المعاصي بعد رجوعه».

وقال الحسن البصري: «الحج المبرور أن يرجع زاهدًا في الدنيا راغبًا في الآخرة».

وختاما :

الحج المبرور جزاءه الجنة.

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ».
أي: من اعتمر عمرتينِ متتابعتين كانت العمرتانِ سببا في تكفيرِ ما بينهما مِن الصغائرِ وعدمِ المؤاخذة بها يوم القيامة وأن الحج المبرور وهو الذي لا يخالطه إثم أو هو المتقبل الخالص الخالي من الرياء والسمعة وقد تحقَّقت فيه أركانُه وواجباته وهذا الحج جزاؤه عند الله تعالَى هو الجنَّةُ.

فاللهم تقبل منا صالح الأعمال وارزقنا رضاك والجنة اللهم آمين يارب العالمين.

زر الذهاب إلى الأعلى