حكم خروج المرأة إلى العمل والسوق بدون غطاء الرأس

عطية لاشين أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر 

سائل يقول: زوجتي تخرج بشعر مكشوف إلى عملها والسوق، فما حكم الشرع في ذلك؟

 

الإجابة :

الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم : (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا).

post

والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، روت عنه كتب السنة: “المرأة عورة”.

 

وبعد:

 

فإن أمور النساء مبنية على الستر ، وقرارها بيتها إلا ما دعت إليه حاجة أو ضرورة عامة أو خاصة.

 

ومما دل على ذلك أن مكانها في المسجد لأداء الصلاة مؤخر الصفوف، قال صلى الله عليه وسلم : “خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها”.

 

وفي شريعة غيرنا عندما خرجت ابنتا شعيب لسقي أغنامهما ، لم يزاحما الرجال ، بل وقفتا بعيدتين حتى ينتهي القوم من سقي أغنامهم ، قال الله تعالى: (قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) سورة القصص من الآية (٢٣)

 

وفي واقعة السؤال نقول :

 

يجب على المرأة ستر رأسها.

 

دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة.

 

أما الكتاب :

أولاً : قول الحق سبحانه : (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) سورة النور من الآية (٣١).

 

فأهل العلم قاطبة على أن كشف المرأة شعرها ليس داخلا في الاستثناء.

 

بل الذي يدخل في قوله تعالى : (إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا):

 

إما الوجه والكفين كما قال سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

 

وإما ما أظهرته الريح دون تعمد كما ذهب إليه سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

 

ثانياً : قول الله تعالى “وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ) سورة النور من الآية(٣١).

 

حيث إن الخُمُر جمع خمار : وهو ما تغطي به المرأة رأسها ، كما بينه القاضي عياض في “مشارق الأنوار”.

ومثل ذلك جاء في “تهذيب اللغة” للأزهري ، و”لسان العرب” لابن منظور.

 

وجاء في “المعجم الوسيط” : “الخمار كل ما ستر، ومنه خمار المرأة وهو ثوب تغطي به رأسها”.

 

وأنا أقول : ينزل غطاء الرأس ليستر جيبها ، وهو فتحة صدرها.

 

وأما السنة :

وردت أحاديث كثيرة تدل على وجوب ستر المرأة شعرها ، أقتصر على ذكر بعضها ، وهي ما يلي :

 

أولاً : يقول النبي صلى الله عليه وسلم : “صِنْفَانِ من أهلِ النارِ لمْ أَرَهُما بَعْدُ : قومٌ مَعَهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ الناسَ بِها ، ونِساءٌ كَاسِياتٌ عَارِياتٌ ، مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ ، رُؤوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ ، لا يَدْخُلَنَّ الجنةَ ، ولا يَجِدَنَّ رِيحَها ، وإِنَّ رِيحَها لَيوجَدُ من مَسِيرَةِ كذا وكذا” رواه مسلم.

 

فهذا الحديث نص قاطع ومحكم في وجوب ستر المرأة رأسها.

 

ثانياً : ما رواه عقبة بن عامر أن أخت عقبة نذرت أن تمشي إلى بيت الله حافية حاسرة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “مروها فلتختمر ، ولتركب ، ولتحج” ، وفي رواية “ولتغطي شعرها”. رواه الطبراني في “الكبير”.

 

وأما الإجماع :

فقد أجمع أهل العلم على وجوب تغطية المرأة رأسها.

 

قال ابن حزم في كتابه “مراتب الإجماع” : “واتفقوا على أن شعر الحرة وجسمها حاشا وجهها ويديها عورة ، واختلفوا في الوجه واليدين”.

 

وقال ابن المنذر : “لا اختلاف في أن كشف شيء مما ذكرناه يحرم عليها ، إذا فعلت ذلك عامدة”.

 

وجاء في كتاب “الاختيار” في الفقه الحنفي : “ولا ينظر إلى الحرة الأجنبية إلا إلى الوجه والكفين”.

 

وجاء في “الشرح الصغير” للإمام الدردير المالكي : “وعورة الحرة مع رجل أجنبي منها ، أي ليس بمحرم لها، جميع البدن غير الوجه والكفين”.

 

وجاء في “المهذب” للشيرازي الشافعي : “وأما الحرة فجميع بدنها عورة إلا الوجه والكفين”.

 

هذا والله أعلم.

 

وصلى الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

 

وكتبه ا.د / عطية لاشين – أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف.

زر الذهاب إلى الأعلى