لن تنضج قبل أن يهدم أمام عينيك كل ما كنت تؤمن به

بقلم الكاتب/علي عبد الناصر عبد اللاه

جملة سمعناها كثيراً قبل أن ننضج أي أننا لم نفهم الأمور علي حقيقتها قبل تلقيننا درس قاس نتعلم من خلاله أن لا نعطي كل شيء جميل بداخلنا لأي أحد،وأن لا ننبهر به في البداية فننصاع بقلوبنا بكل ما فيها حتي نخسرها بأكملها، أن لا نعطي ثقتنا وأماننا لمجرد سمعنا كلام يشعرنا بالطمأنينة، ها نحن نضجنا جداً وفهمنا الدرس حرفياً هل بإمكاننا العودة إلي حيث كنا؟فالفهم والإدراك موجع جدا، لقد تغيرنا جذرياً ونريد العودة لنسختنا البريئة الساذجة فهي علي الأقل ليست خائفة، ليست حذرة للحد الذي يجعلها لا تؤمن بأي أحد يقترب منها بعض الجروح تبقي تنزف بلا ضماد بعض الخسارات لا تعوض مهما كسبنا، بعض الأمكنة تبقي فارغة لا يملأها أحد الكثير من الأشياء تموت دون الإعلان عنها أو حتي عزاء بعض الجروح لا تنسي تترك ندوب عميقة في أعماقنا لتذكرنا بها وبما حصل معنا المشكلة تكمن أننا نتمالك أنفسنا ونبقي أقوياء رغم ما مات فينا وعظم البلاء لسنا سوداويين ولم ننظر يوماً للحياة نظرة بائسة لكنها تعاكسنا دائما،كل الأشياء التي تمنيناها لم ننلها يوماً،حتي أحلامنا تلاشت لم يعد لها أثراً،كل من عاشرناهم لم نجد منهم سوي الغدر،نصبر أنفسنا بكذبتنا المعتادة بأن الغد أجمل،ويأتي الغد حاملاً مزيداً من الألم والحزن،الحياة يا صديقي والله صعبة،حتي شغفنا اتجاه اشياءنا الجميلة مات منذ زمنا،أعمارنا تمضي مسرعة نبكيها كل ليلة،نسأل أنفسنا مراراً كيف ذهبت دون أن نشعر بها حقا،والله لسنا بفاقدين الأمل ونؤمن بأن بعد العسر يسراً لكننا تعبنا ولم نعد نملك القدرة للإستمرار أكثر لم يكن سهلاً علينا أن نرحل في أكثر لحظاتنا اشتياق أن نلجأ للصمت في عز احتياجنا للكلام أن نقوم بتخدير شعور يضج بكل حواسنا أن نفلت اليد التي كنا نستند دوماً عليها أن نتظاهر بالثبات وقلوبنا تتشظي أن نسافر بعيداً بعيد في أوج رغبتنا بالبقاء ليس سهلاً علينا فعل أمور كثيرة لكنها الظروف وما باليَد حيلة حين تتجه نظرتك إلي الأهم وتكون غايتك القيمة الحقيقية،ومطلوبك الجدوي،ستقيم الأشياء من حولك جيداً،لا يهمك السطح بقدر ما يهمك العمق،فالجوهر يغلب المظهر والاثر يفوق الجهد والفعل يلفتك أكثر من القول،ليس بكثرة الأشياء التي نمتلكها ما يهمنا جودتها،كم من أشياءنا انتهت صلاحيتها ولم ننتبه لا تتعلق بأحزانك،لاتعش معها حكاية قوية، أجعل علاقتك بأحزانك كعلاقة عابرة علي طريق سريع،ضع بينك وبينها خطوط حمراء ومساحة تكفي لمنحك حرية التحرر منها، اختراع الفرح يحتاج إلي قدرة علي التخفف من الأحزان،فالتخفف هو أجنحة ترفرف بها بعيدا عن كل ضغوط الحياة نحن بحاجة إلي صفحة جديدة في زمن مزقنا فيه الكثير من صفحاتنا وشهدنا فيه تساقط الكثير من أحبتنا ورفاق طفولتنا وأصدقاء أعمارنا وزملاء أعمالنا بلا نذير ولا مقدمات رحيل حتي إعتدنا علي الأنباء الحزينة وكدنا ننسي طعم الفرح ودهشة الفرح ودموع الفرح أحياناً قد تكون صفحتك الجديدة هي فرصتك الأخيرة لحياة أجمل فانتهزها.
“لما الأحزان والألم”

زر الذهاب إلى الأعلى