أيهما أفضل ذبح الأضحية أم التصدق بثمنها 

 

د / عطية لاشين-أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر

الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم (إِنَّاۤ أَعۡطَیۡنَـٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ )- (سورة الكوثر ١- ٢).

 

والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله روت عنه كتب السنة (من كان ذا سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا).

post

 

وبعد :

 

فإن الأضحية أي ذبح إحدى بهيمة الأنعام يوم النحر تقربا إلى الله عز وجل شعيرة قديمة يرجع عهدها إلى سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم حينما رأى سيدنا إبراهيم في منامه أنه يذبح ابنه إسماعيل بعد أن بلغ السن التي تؤهله إلى السعي مع أبيه طلبا لرزق الله عز وجل.

 

وتكررت هذه الرؤيا عدة ليال متتابعة حتى تأكد سيدنا إبراهيم أنها رؤيا حق من الله عز وجل وليست أضغاث أحلام من الشيطان ونجح الوالد وولده في هذا الابتلاء وهم الوالد بالذبح حقيقة واستسلم الابن لأمر الله فكافأهما الله بفداء عظيم وكبش من السماء سمين ليذبحه سيدنا إبراهيم ليكون بديلا عن ذبح ابنه قرة عينه وفلذة كبده.

 

قال الله عز وجل مصوراً هذه الحقيقة :(رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ(١٠٠) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ(١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ(١٠٢)فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣)وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ(١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(١٠٥) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ(١٠٦) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ(١٠٧)) -(سورة الصافات الآيات ١٠٠-١٠٧).

 

ومن يومها صارت الأضحية شعيرة من شعائر الإسلام.

 

وجاء تأكيد مشروعيتها في حق أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وأصبحت من شعائر الإسلام يجب المحافظة عليها وعدم السعي في هدمها ونقضها لأنها تدل على خصوصية ديننا وبها يعرف الإسلام.

 

وفي واقعة السؤال نقول وبالله التوفيق :

 

إذا أدى التصدق بثمن الأصحية إماتة شعيرة الأضحية فإن ذلك لا يجوز بالمرة وإلا كنا ساعين في نقض عرى الإسلام عروة عروة وهذا ما ينتظره منا أعداؤنا المتربصون بنا الدوائر.

 

وأقول للسائل الكريم لا تناقض بين التصدق بثمن الأضحية وبين الحفاظ على هذه الشعيرة عن طريق ذبحها إذ من الأفضل أن يجمع المسلم بين الحسنيين التصدق والذبح فإن كان عاجزاً عن الجمع بينهما فالذبح أفضل ألف مرة بل قد يكون واجباً إذا ترتب على التصدق إماتة هذه الشعيرة ودفنها بلا تكفين.

 

ألا فلينتبه أبناء الإسلام من نصائح الشيطان التي يلقيها في نفوس أبنا ء هذه الأمة فإنه كلام باطل يراد به باطلا لكنه استتر بثوب النصيحة الكاذبة فيكون من باب قوله صلى الله عليه وسلم :”صدقك وهو كذوب”.

 

والله أعلم

وصلى الله على سيدنا محمد.

 

زر الذهاب إلى الأعلى