أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ

بقلم: سعيد جويد
“وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ” (82) آية قرآنية عطرة وردت في سورة الأعراف،فما أعظم هذه السورة، سورة” كريمة لها ذكريات ونفحات إيمانية وتأثير قوي على نفسي، ربما لأني كنت أقرأها كثيرا أثناء أدائي لفريضة الحج في يوم التروية وأيام التشريق في منى وفي يوم عرفة، فمن أراد حقا البحث عن حقيقة الكون وحقيقة الإنسان والتاريخ البشري فلن يجد أعظم ولا أبلغ ولا أصدق من كتاب القرآن العظيم، كتاب سماوي خالد يصلح لكل مكان وزمان، فمن يتأمل- على سبيل المثال- الآية السابقة “وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ” يدرك أنّ هذه الطائفة من البشر ممن يكرهون الإسلام ولا يضمرون للمسلمين إلا مشاعرالحقد والضغينة – وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8 ) سورة البروج- موجودة في عالمنا حتى الأن وستظل باقية إلى يوم يبعثون، وأكبر برهان على هذا ما نراه الآن من حروب ضروس على الإسلام، وما يحدث فيها من انتهاكات بشعة لحقوق المسلمين والمسلمات في شتى بقاع العالم.
حصار وجرائم الابادة بحق مسلمي ميانمار(بورما)
“ميانمار” (بورما) هي جهورية اتحادية، تقع جنوب شرق آسيا، وتتألف من اتحاد عدة ولايات يسودها تركيب عرقي ولغوي مختلط. يُشكّل المسلمون نحو 4% من السكّان في بورما؛ أمّا الديانة البوذية فيعتنقها معظم السكان، ويتراوح عدد المسلمين في بورما بين (5-8) ملايين مُسلم من أصل نحو (55) مليون نسمة من السكان. يتعرّض المسلمون في بورما لأشد أنواع الانتهاكات على يدِ جماعاتٍ بوذيةٍ مُتطرّفة، وتعود أسباب انتهاك حقوق الأقلية المسلمة في بورما إلى القرن السادس عشر، حينما منع أحد ملوكها آنذاك المسلمين من الاحتفال بعيد الأضحى وذبح الأضاحي من الماشية، وحظر الذبح الحلال للدجاج والمواشي، وأجبر بعض الرعايا المسلمين على الاستماع إلى الخطب والمواعظ البوذية ليجبرهم على تغيير دينهم بالقوة، وفي أواخر القرن السابع عشر، حصلت مذبحة مروعة للمسلمين لأسباب دينية وسياسية، حينما أمر ملكها وقتئذ بقتل أفراد عائلة الأمير المسلم شاه شجاع ، فقُطعت رؤوس الرجال الذين يحملون اللحى، ووضعت النساء في السجن ليموتوا من الجوع، ثم استهدفت المذبحة جميع اللاجئين المسلمين من الهند. في منتصف عام 2012 ازدادت انتهاكات حقوق الإنسان بحق مسلمي بورما، حينما هاجم البوذيون مجموعة من العلماء والدعاة المسلمين، وربطوا أيديهم وأرجلهم، وضربوهم ضرباً مبرحاً بالعصي على وجوههم ورؤوسهم، ففقئت أعينهم، وكسرت جماجمهم، وأخُرجت أدمغتهم، وسحبت ألسنتهم في جريمة بشعة لم تشهدها البلاد من قبل، وبدأت بعدها حملة الإبادة المنظمة ضد المسلمين، وحرق أحياء وقرى كاملة للمسلمين بمرأى من الشرطة البوذية، أمّأ الحكومة فاكتفت بتوجيه بعض النداءات لتهدئة الأوضاع، وللحديث بقية في الجزء الثاني من هذا المقال بمشيئة الله.

زر الذهاب إلى الأعلى